لا تخلو بعض النقاشات من بعض من يتصفون بصفة "يعرف كل شيء know-it-all" . وهم الذين يشعرون أنهم متفوقون على الآخرين، ويطرحون آراؤهم بشكل موسع عن الموضوع محل النقاش. يسعدون كثيراً بسماع أصواتهم، ويرفضون آراء الآخرين، كما يرفضون الاستماع لمداخلات الآخرين ويرفضون تداخلهم. قد يخبرونك أحياناً أن عليك أن تفعل الأمور وفق رؤيتهم حتى وإن كان إلمامهم في واقع الأمر محدوداً وغير دقيق. لا يستطيعون أن يحتفظوا بآرائهم حتى ولو لم يكن هناك حاجة لعرضها، فهم دائماً مقاطعون ويسعون للتحكم في آراء الآخرين ومواقفهم. يرون دائماً أن هناك حاجة لإثبات رائهم، ولا يستطيعون تقبل من لا يتفق مع وجهات نظرهم. هذه الشخصيات يسهل إغاضتها ويصعب إرضاؤها، يحملون آراء الآخرين على أنها تمس شخصياتهم وبالتالي يحاولون الدفاع بالهجوم على وجهات نظر الآخرين وشخوصهم، لا يستطيعون تحمل معرفة أنهم على خطأ ويرون دائماً أن أي نقاش لا بد أن يكون فيه كاسب وخاسر فالحياة بالنسبة لهم "zero sum" عكس من يرون أن الحياة للجميع "win win".
غالباً ما تكون آراؤهم مبنية على اقتناعهم الشخصي حتى وإن جانبهم الصواب، يرغبون بأن تكون الآراء موافقة لظروفهم ومواقفهم ونسيجهم الاجتماعي والأسري، لا مانع لديهم أن يفتوك بقضية استعصت على الفقهاء من خلال ما يقتضيه حالهم، ولا ضير أن يكتب لك وصفة طبية في جلسة سمر، ولا غرابة أن يفصل لك الأحداث السياسية متكئاً، فهو لكل ذلك مجيد. ولا تستغرب أن يكون ذلك مناقضاً لحياته العملية والاجتماعية والدراسية والشخصية، فهو مهتم بفرض قناعاته على الآخرين دون إصلاح حاله. على من يتعرض لمثل هؤلا أن يتذكر أنه وإن كان ليس بإمكانه توجيه الرياح، فإنه يمكنه ضبط الأشرعة.
كم نتمنى لو أن العقول المغلقة تأتي بأفواه مغلقة أيضاً، فالأنهار التي ينخفض منسوب المياه فيها هي الأكثر إزعاجاً.
مخرج:
يقول العالم الفيزيائي ستيفن هوكينج "Quiet people have the loudest minds"